:متفوقو بكالوريا 2018
محمد الهادي ديدي المتحصل على معدل 18.88 ... تصرف كما لو أنه من المستحيل أن تفشل، وكثرة الدراسة لا تعني النجاح بالضرورة
محمد الهادي ديدي المتحصل على معدل 18.88 ... تصرف كما لو أنه من المستحيل أن تفشل، وكثرة الدراسة لا تعني النجاح بالضرورة
كما في نهاية كل موسم ، ها هي نتائج شهادة البكالوريا تطل بعد طول انتظار نفذ فيه صبر الطلاب لمعرفة ما إذا كافأتهم النتائج أم خيبت آمالهم... تطل لتكون مرآة عاكسة لما قدمه الطالب خلال مشوار دراسي طويل... تطل لتفي الكادين المجتهدين حقهم، كل على قدر اجتهاده. و ها هو الموقع الأول للدراسة في الجزائر كما عودكم كل عام ينقل لكم تجارب النخبة الذين تمكنوا من احتلال المراتب الأولى في سباق البكالوريا، عسى أن تكون خلاصة تجربتهم دروسا يستفيد منها من سيجتاز هذا الامتحان في المواسم القادمة، و عبرا تخط لهم طريقا واضحا نحو الامتياز٠
كان هذه المرة لقاءنا مع المتفوق محمد الهادي ديدي من متقن بصغير لخضر المتحصل على معدل 18.88 أعلى معدل على مستوى ولاية تلمسان في بكالوريا 2018، محمد الهادي اختار لينقل لنا أسرار تفوقه "تصرف كما لو أنه من المستحيل أن تفشل، وكثرة الدراسة لا تعني النجاح بالضرورة" عنوانا لمقاله، نتمنى لكم الاستفادة٠
كان هذه المرة لقاءنا مع المتفوق محمد الهادي ديدي من متقن بصغير لخضر المتحصل على معدل 18.88 أعلى معدل على مستوى ولاية تلمسان في بكالوريا 2018، محمد الهادي اختار لينقل لنا أسرار تفوقه "تصرف كما لو أنه من المستحيل أن تفشل، وكثرة الدراسة لا تعني النجاح بالضرورة" عنوانا لمقاله، نتمنى لكم الاستفادة٠

تعريف و تقديم
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة والسلام على أفضل الخلق أجمعين، شفيعنا محمد الصادق الأمين وبعد، السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته،معكم أخوكم "ديدي محمد الهادي"،طالب علم من مواليد ولاية "تلمسان" متمدرس بثانوية "متقن بصغير لخضر"،التي تخرج منها الكثير من المتميزين منذ تأسيسها ولله الحمد والمنّة .سأسرد لكم في هذا المقال تجربتي مع البكالوريا وأتمنى أن أفيدكم ولو بالشيء القليل، فهذا واجبنا نحو المترشحين الجدد للشهادة. بدأ مشواري الدراسي بمحطة ابتدائية "العربي التبسي" والتي خرجت منها بمعدل 8.90 في شهادة التعليم الإبتدائي، مرورا بمتوسطة "سيدي شاكر"حيث تحصلت على شهادة التعليم المتوسط بمعدل 18.42 والذي لم يكن بقدر طموحاتي في ذلك الوقت، وصولا إلى شهادة البكالوريا الذي وفقني الله لنيلها بمعدل 18.88 رابع أعلى معدل وطنيا في شعبة العلوم التجريبية ، وأعلى معدل ولائيا (بالتساوي مع أخي بن حليمة يوسف أحمد) مكلّلا بذلك 12 سنة من العمل، فالله لا يضيع أجر المحسنين٠
طريقة الدراسة والمراجعة
سنة البكالوريا هي أهم سنة في حياة التلميذ الجزائري ،فهي تفتح له أحد أبواب الحياة والمتمثل في الجامعة ،لذلك كثيرا ما نجد التلاميذ في هذه السنة مرتبكين و متوترين ،وهذا أمر عادي جدا فقد كنت من بين هؤلاء ،ولكن بالمقابل لا يجب التهويل المبالغ به ،فهناك أبواب أخرى للحياة والكل ميسّر لما خلق له . أما بالنسبة لأخيكم ،فمنذ بدايتي مع الدراسة ، لم أكن من هؤلاء الذين يدرسون عشر ساعات يوميا أو يسهرون من أجل الدراسة ،فأنا كنت أدرس بقدر الحاجة وأستغل فترة الفروض والاختبارات لمضاعفة الوتيرة ،إضافة الى أنني لم أضع برنامجا محددا لكل مادة مثلا ،لكن المزاج هو من يفرض ذلك ،كما أنني كنت أقضي وقتا ليس بالقليل في مواقع التواصل الاجتماعي وإن كنت لا أنصح بذلك أبدا فهي مضيعة كبيرة للوقت ،ورغم ذلك كنت أتحصل على نتائج ممتازة ،لكن ومع انطلاق السنة النهائية انتابني الخوف من أن لا أستطيع النجاح خصوصا بعدما طالعت الحوارات مع المتفوقين (والتي حطمت معنوياتي بعض الشيء نظرا للصرامة الكبيرة التي لاحظتها عندهم)،ما عدا إحدى مقالات السنة الماضية التي رأيت وكأنّ صاحبها مثلي تماما فقد أعطاني بعض الحماس وعرفت أنّ المستحيل لا يوجد إلا في قاموس من لا يؤمنون بقدراتهم ،وأنه لا يمكن قياس تجربة إنسان على إنسان اخر لأنّ لكل واحد خصوصياته،كما أنّ السرَّ يكمن في الدراسة بذكاء ،لأن فهم الدرس جيدا وحل تمرين واحد فقط أفضل من أن تحل مائة تمرين وأنت لم تهضم أساسيات الدرس !!٠
إذا فكما قلت لكم لم تكن لدي وتيرة محددة للدراسة،لكنها كانت رغم ذلك مستمرة ومتصاعدة ،وأشدد كثيرا على كلمة "مستمرّة " ،لأن النجاح في البكالوريا مفتاحه النفس الطويل الذي يمكّنك من الصراع على اللقب في آخر جولات الدوري (تشبيه لمن يتابعون كرة القدم)،وقد كنت أعتمد في دراستي على فهم الدرس في القسم (وهذا عامل رئيسي للنجاح بالنسبة لي) ثم أحل بعض التمارين في المنزل حسب المزاج ،كما أنني لم أكن أميز بين المواد الرئيسية والثانوية،فلكلّ مادة حقُّها ومستحقُّها،وأود الإشارة كذلك أنّ العطلة فرصة ثمينة للمراجعة،فقد كنت أستغل العطل للمراجعة و تدارك النقائص وترتيب الأمور شيئا فشيئا٠
نصائح عملية في كل مادة والمراجع المعتمد عليها
الرياضيات: من أجمل المواد على الإطلاق ،تعطيك بقدر شغفك وحبك لها ،لا أعلم سبب كره البعض لها فهي رياضة للمخ تشدّه نحو التفكير والتحليل واستعمال الاستدلال المنطقي وهي مادة يمكن إسقاطها على جميع جوانب الحياة ،وقد كنت أعتمد فيها على فهم الدرس في القسم عند أستاذي بوشنافة محمد-حفظه الله ورعاه- ثم حل بعض التمارين والمواضيع في المنزل بمساعدة من أمي الغالية أطال الله في عمرها والتي كانت أستاذة رياضيات للطور الثانوي ،وقد استعنت في هذا بكتاب "أنجيم في الرياضيات" الذي كان يحوي ملخصات للدروس ومواضيع بكالوريات أجنبية تساهم في ترسيخ المعارف والمكتسبات وتساعدك على رؤية الدرس من عدة زوايا ، كما استعنت قليلا جدا بكتاب "الهباج"إضافة إلى حلي لبعض مواضيع بكالوريات السنوات الماضية ،وبالنسبة لشعبتي فمواضيع الرياضيات سهلة جدا لا تحتاج أن تكون عالما لحلّها٠
الفيزياء: مادة شيقة أيضا ،تروي ظمأ من يريد اكتشاف ما حوله وحل أسرار الكون والتدبر في خلق الله المحكم البديع فهي مثلها مثل الرياضيات تحاكي الواقع الذي نعيش فيه ،كنت أعتمد فيها بصورة كبيرة جدا على الدروس الخصوصية وسلاسل التمارين هناك والتي أفادتني كثيرا دون إهمال القسم فقد كنت أتابع الدروس مع الأستاذة وأحاول حل التمارين التي تعطيها لنا ،وفي الأخير كنت أقوم بحل مواضيع البكالوريات وإن لم أحلها جميعا فأغلب الأسئلة متكررة من سنة لأخرى٠
العلوم الطبيعية: كما يعلم الجميع هذه أهم مادة بالنسبة لشعبتي نظرا لمعاملها الكبير ،وهي مادة تحتاج لتركيز كبير جدا في القسم وفهم شامل للدرس وكذا تدريب على المنهجية المتّبعة في التصحيح وهذا هو مربط الفَرَس فقد كنت في السنوات الماضية سيئا بعض الشيء في المنهجية وبالتالي كانت نقاطي متوسطة وهذا ما أحبطني ، لكن في هذه السنة وبفضل الله ثم بمساعدة أستاذي "شعيب عبد الوهاب" أحد أفضل أساتذة العلوم الذين رأيتهم في حياتي والذي أشكره من أعماق قلبي، فقد تمكنت من اجتياز هذه العقبة وأتقنت المنهجية وتحصلت على 18.5 في البكالوريا ،وتجدر الإشارة إلى أنّ مادة العلوم لا تحتاج إلى الحفظ مثلما يروّج البعض وإن كان ذلك واجبا في بعض المعادلات والمصطلحات العلمية لا غير،لأن الحفظ مثل ببغاء لن ينفعك بشيء أبدا في هذه المادة ،و كنت أراجع هذه المادة دوريا كلما تسنى لي الوقت خصوصا مع اقتراب الفروض الاختبارات وقد استعنت قليلا بكتاب "المراجعة النهائية"٠
الأدب العربي: يمكن اعتبارها من أصعب المواد في السنة النهائية وإن لم تكن كذلك لو دققت النظر جيدا، فأسلوب الامتحان فيها واحد لا يخرج عن المألوف، ويكفي التدرب على المواضيع السابقة لإِتقان المادة ، وقد اعتمدت فيها على كراس أستاذتي بالقسم حفظها الله ، وكذا أستاذ في اليوتيوب يلقي دروس بأسلوب ممتاز( لا أعرف اسمه لكن يكفي ان تكتبوا "دروس اللغة العربية للبكالوريا "في اليوتيوب وستجدون فيديوهاته على قناة موقع الدراسة الجزائري ) وتدرّبت على حل المواضيع السابقة٠
الفلسفة:مرعبة التلاميذ وعدوّ النجاح كما يراها البعض،بَيْدَ أنّها ليست بهذه الصعوبة فهي مادة تحتاج للغوص في أفكارها وصراعاتها كي تفهم قضاياها ، وهي كذلك تتبع منهجيات محددة لا مناص منها وموضوع امتحانها في البكالوريا يتمثل في مقالتين و نص للتحليل كما يعلم الجميع وأنا شخصيا اخترت المقالة في البكالوريا ولم أغامر باختيار تحليل النص رغم معرفتي بمنهجيته لأنني منذ بداية السنة وأنا أتدرب على المقالة عن طريق حفظ البراهين بالنسبة لكل موضوع أو إشكالية و كذا حفظ بعض المقدمات ثم التوسيع بأسلوبي الشخصي ، إذ لم أرى فائدة في حفظ مقالة كاملة بأسلوب الأستاذ لأنك ستنسى سريعا وأنا أنصح التلاميذ بفهم الدرس وحفظ الكلمات المفتاحية والبراهين و أسماء الفلاسفة ثم إنشاء المقالة بأسلوب شخصي مع توظيف الأقوال( التي ستكسبك النقاط في الإمتحان ،فكلما وظفت الأقوال لتدعيم مقالتك كانت حظوظك أوفر للحصول على نقطة ممتازة) وبخصوص المراجع ،اِعتمدْ على الكتاب المدرسي فحتما ستجد ضالّتك هناك ٠
«Le compte rendu » الفرنسية: يمكن أن تقول أنها مادة لا تحتاج إلى مراجعة ،يكفي أن تكون جيدا في فهم اللغة و كتابة الفقرات ومعرفة منهجية
والتدرب عليه لكي تحصل على نقطة جيدة فيها٠
الإنجليزية:مادة سهلة أيضا ،اعتمدت فيها على مراجعة القواعد وحل البكالوريات وكذا حفظ مصطلحات وأفكار كل وحدة لتحرير الفقرة لأنّ موضوعها لا يخرج عن البرنامج المدروس مثل الإشهار ،الغذاء والفضاء٠٠٠٠
العلوم الشرعية: اعتمدت فيها على حفظ الدروس من كراسي في القسم وفهمها فقط وهذا يكفي على ما أظنّ ،وقد تلاحظون أن موضوع هذه السنة اعتمد على الفهم أكثر من الحفظ وهذا أمر جيد حقا ،فإذا أردنا الرقي وجب علينا أولا فهم ديننا و شريعتنا٠
التاريخ والجغرافيا: اعتمدت على حفظ المصطلحات والشخصيات والتواريخ وكذا الدروس من كراس القسم حفظا عاديا ( فهذا ليس قرءانًا) إذ يمكن توظيف الأسلوب الشخصي ،وأيضا معرفة كيفية رسم المنحنيات والأعمدة البيانية والدوائر النسبية والتعليق عليها ومعرفة مواقع البلدان في الخريطة٠
خصوصيات الشعبة
شعبة العلوم التجريبية هي شعبة متوازنة إلى حد كبير فهي تعتمد على ثلاثة مواد أساسية :علوم الطبيعة والحياة،الرياضيات و الفيزياء فهي تراعي العلوم الدقيقة والبيولوجية على حد سواء ،ويجب على المنتمي لها والذي يطمح لبلوغ أعلى الدرجات أن لا يكتفي فقط بهذه المواد بل يجب عليه أيضا الاهتمام بالمواد الأخرى جميعها دون تمييز أو تفريق٠
فرحة البكالوريا
هي فرحة خاصة لا يمكن وصفها أبدا فهي لا تأتي غالبا إلا مرة واحدة في العمر بعد تعب وقلق وتوتر مستمر ،حينها ستشعر بالفخر حينما ترى الفرحة على وجوه والديك خصوصا الأم التي تعتبر السند الذي يحمينا ونعتمد عليه لشقّ طريقنا في الحياة٠
التضحيات والعقبات في الطريق
بلوغ المجد لا يأتي بالتكاسل والتسويف ، في جميع مجالات الحياة دون استثناء ،وامتحان البكالوريا لا يشذّ عن هذه القاعدة ،فكان محتّم علينا وواجب التضحية ببعض ساعات اللعب والنوم والراحة رغم أنّني وكما أشرت سابقا ،لم أكن مجنونا بالدراسة فكنت ألعب وأذهب إلى المسجد لقراءة القرءان وأتابع كرة القدم ،فيجب إعطاء كل شيء وقته الذي يستحقه ،وأنا الآن قد دخلت إلى الجامعة وعرفت مدى سهولة البكالوريا فالجامعة أصعب بمراحل لذا لا تهوّلوا الأمور وتوكّلوا على الله وستنجحون بإذنه عزّ وجلّ٠
أهمية الدراسة في الثانوية
الدراسة في الثانوية كانت مهمّةً بالنّسبة لي ومفتاحا أساسيا في نجاحي ،فقد كان فهم الدرس في القسم يغنيني عن ساعات كثيرة من الدراسة في المنزل،وبقيت أحضر الدروس إلى غاية شهر ماي رغم أن الكثير فضّلوا المراجعة في المنزل ، والحمد لله أن درّسني أساتذة أكفاء يحبون مهنتهم ،جزاهم الله عنا كل خير٠
الدروس الخصوصية
قبل السنة النهائية لم أكن من محبي الدروس الخصوصية ، لكن في بداية السنة قررت عمل دروس خصوصية في الفيزياء وهذا من أفضل قراراتي فقد أفادتني كثيرا وفي شهر أفريل أضفت الدروس الخصوصية في مادة العلوم عند أستاذي في القسم أين كنا نحلّ المواضيع ونتدرب على المنهجية وهذا أيضا كان قرارا في محله أما الرياضيات فقد اكتفيت بمساعدة أمي لي في المنزل ،ويجب أن أحمد الله على هذا ،فقليلون من حظوا بهذه الفرصة ،كفكرة إجمالية أقول أن الدروس الخصوصية ليست فرضا ولا مقياسا للنجاح ويمكن النّجاح بدونها لكن لكل ظروفه وكل واحد أدرى بشؤونه الخاصة٠
الطموحات والأهداف
طموح كل متفوق هو الاستمرار في تفوّقه وتحقيق المزيد من النجاحات ،وقد كنت محتارا بين اختيار المدرسة العليا للإعلام الآلي أو اختيار الطب ، لكن بعد مد وجزر رست سفينتي في كلية الطب بتلمسان أين أطمح في مواصلة طلب العلم والبحث المستمر لكي نساهم في تطور مجتمعنا والرقي به ونكون مشعلا ينير مستقبل الأمة الإسلامية التي تحتاج إلى علمائها في شتى المجالات لتجاوز الظروف والتحديات الراهنة٠
كلمة أخيرة
من منبري هذا أهنّئ كل من فاز بشهادة البكالوريا وأتمنى له مشوارا مكللا بالنجاح في بقية مسيرته ، والذين لم يسعفهم الحظ أقول لهم أن الوصول إلى حديقة النجاح يتطلب المرور بمحطات الفشل ،وأن عليهم بذل المزيد من الجهد لتحقيق النجاح وإفراح الوالدين وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.وفي الختام أوجه تحياتي إلى والدي الكريمين حفظهما الله وجعلهما تاجا فوق رؤوسنا ، وأتوجه بالشكر من أعماق قلبي لكل من علمني حرفا سواء أساتذة المدرسة أو أساتذة القرءان في المسجد ،جزاكم الله عنا كل خير وبارك الله فيكم ودمتم ذخرا لأمّتنا ، كما لا أنسى تقديم الشكر للموقع الأول للدراسة في الجزائر ، والذي لم يبخل علينا بتوفير الدروس والمواضيع والتمارين وأتاح لنا الفرصة لعرض تجاربنا الدّراسية، فأصبح القبلة لكل من أراد طرق باب النجاح ،فبارك الله فيكم وحفظكم ،سبحان ربك ربّ العزة عمّا يصفون وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين٠
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة والسلام على أفضل الخلق أجمعين، شفيعنا محمد الصادق الأمين وبعد، السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته،معكم أخوكم "ديدي محمد الهادي"،طالب علم من مواليد ولاية "تلمسان" متمدرس بثانوية "متقن بصغير لخضر"،التي تخرج منها الكثير من المتميزين منذ تأسيسها ولله الحمد والمنّة .سأسرد لكم في هذا المقال تجربتي مع البكالوريا وأتمنى أن أفيدكم ولو بالشيء القليل، فهذا واجبنا نحو المترشحين الجدد للشهادة. بدأ مشواري الدراسي بمحطة ابتدائية "العربي التبسي" والتي خرجت منها بمعدل 8.90 في شهادة التعليم الإبتدائي، مرورا بمتوسطة "سيدي شاكر"حيث تحصلت على شهادة التعليم المتوسط بمعدل 18.42 والذي لم يكن بقدر طموحاتي في ذلك الوقت، وصولا إلى شهادة البكالوريا الذي وفقني الله لنيلها بمعدل 18.88 رابع أعلى معدل وطنيا في شعبة العلوم التجريبية ، وأعلى معدل ولائيا (بالتساوي مع أخي بن حليمة يوسف أحمد) مكلّلا بذلك 12 سنة من العمل، فالله لا يضيع أجر المحسنين٠
طريقة الدراسة والمراجعة
سنة البكالوريا هي أهم سنة في حياة التلميذ الجزائري ،فهي تفتح له أحد أبواب الحياة والمتمثل في الجامعة ،لذلك كثيرا ما نجد التلاميذ في هذه السنة مرتبكين و متوترين ،وهذا أمر عادي جدا فقد كنت من بين هؤلاء ،ولكن بالمقابل لا يجب التهويل المبالغ به ،فهناك أبواب أخرى للحياة والكل ميسّر لما خلق له . أما بالنسبة لأخيكم ،فمنذ بدايتي مع الدراسة ، لم أكن من هؤلاء الذين يدرسون عشر ساعات يوميا أو يسهرون من أجل الدراسة ،فأنا كنت أدرس بقدر الحاجة وأستغل فترة الفروض والاختبارات لمضاعفة الوتيرة ،إضافة الى أنني لم أضع برنامجا محددا لكل مادة مثلا ،لكن المزاج هو من يفرض ذلك ،كما أنني كنت أقضي وقتا ليس بالقليل في مواقع التواصل الاجتماعي وإن كنت لا أنصح بذلك أبدا فهي مضيعة كبيرة للوقت ،ورغم ذلك كنت أتحصل على نتائج ممتازة ،لكن ومع انطلاق السنة النهائية انتابني الخوف من أن لا أستطيع النجاح خصوصا بعدما طالعت الحوارات مع المتفوقين (والتي حطمت معنوياتي بعض الشيء نظرا للصرامة الكبيرة التي لاحظتها عندهم)،ما عدا إحدى مقالات السنة الماضية التي رأيت وكأنّ صاحبها مثلي تماما فقد أعطاني بعض الحماس وعرفت أنّ المستحيل لا يوجد إلا في قاموس من لا يؤمنون بقدراتهم ،وأنه لا يمكن قياس تجربة إنسان على إنسان اخر لأنّ لكل واحد خصوصياته،كما أنّ السرَّ يكمن في الدراسة بذكاء ،لأن فهم الدرس جيدا وحل تمرين واحد فقط أفضل من أن تحل مائة تمرين وأنت لم تهضم أساسيات الدرس !!٠
إذا فكما قلت لكم لم تكن لدي وتيرة محددة للدراسة،لكنها كانت رغم ذلك مستمرة ومتصاعدة ،وأشدد كثيرا على كلمة "مستمرّة " ،لأن النجاح في البكالوريا مفتاحه النفس الطويل الذي يمكّنك من الصراع على اللقب في آخر جولات الدوري (تشبيه لمن يتابعون كرة القدم)،وقد كنت أعتمد في دراستي على فهم الدرس في القسم (وهذا عامل رئيسي للنجاح بالنسبة لي) ثم أحل بعض التمارين في المنزل حسب المزاج ،كما أنني لم أكن أميز بين المواد الرئيسية والثانوية،فلكلّ مادة حقُّها ومستحقُّها،وأود الإشارة كذلك أنّ العطلة فرصة ثمينة للمراجعة،فقد كنت أستغل العطل للمراجعة و تدارك النقائص وترتيب الأمور شيئا فشيئا٠
نصائح عملية في كل مادة والمراجع المعتمد عليها
الرياضيات: من أجمل المواد على الإطلاق ،تعطيك بقدر شغفك وحبك لها ،لا أعلم سبب كره البعض لها فهي رياضة للمخ تشدّه نحو التفكير والتحليل واستعمال الاستدلال المنطقي وهي مادة يمكن إسقاطها على جميع جوانب الحياة ،وقد كنت أعتمد فيها على فهم الدرس في القسم عند أستاذي بوشنافة محمد-حفظه الله ورعاه- ثم حل بعض التمارين والمواضيع في المنزل بمساعدة من أمي الغالية أطال الله في عمرها والتي كانت أستاذة رياضيات للطور الثانوي ،وقد استعنت في هذا بكتاب "أنجيم في الرياضيات" الذي كان يحوي ملخصات للدروس ومواضيع بكالوريات أجنبية تساهم في ترسيخ المعارف والمكتسبات وتساعدك على رؤية الدرس من عدة زوايا ، كما استعنت قليلا جدا بكتاب "الهباج"إضافة إلى حلي لبعض مواضيع بكالوريات السنوات الماضية ،وبالنسبة لشعبتي فمواضيع الرياضيات سهلة جدا لا تحتاج أن تكون عالما لحلّها٠
الفيزياء: مادة شيقة أيضا ،تروي ظمأ من يريد اكتشاف ما حوله وحل أسرار الكون والتدبر في خلق الله المحكم البديع فهي مثلها مثل الرياضيات تحاكي الواقع الذي نعيش فيه ،كنت أعتمد فيها بصورة كبيرة جدا على الدروس الخصوصية وسلاسل التمارين هناك والتي أفادتني كثيرا دون إهمال القسم فقد كنت أتابع الدروس مع الأستاذة وأحاول حل التمارين التي تعطيها لنا ،وفي الأخير كنت أقوم بحل مواضيع البكالوريات وإن لم أحلها جميعا فأغلب الأسئلة متكررة من سنة لأخرى٠
العلوم الطبيعية: كما يعلم الجميع هذه أهم مادة بالنسبة لشعبتي نظرا لمعاملها الكبير ،وهي مادة تحتاج لتركيز كبير جدا في القسم وفهم شامل للدرس وكذا تدريب على المنهجية المتّبعة في التصحيح وهذا هو مربط الفَرَس فقد كنت في السنوات الماضية سيئا بعض الشيء في المنهجية وبالتالي كانت نقاطي متوسطة وهذا ما أحبطني ، لكن في هذه السنة وبفضل الله ثم بمساعدة أستاذي "شعيب عبد الوهاب" أحد أفضل أساتذة العلوم الذين رأيتهم في حياتي والذي أشكره من أعماق قلبي، فقد تمكنت من اجتياز هذه العقبة وأتقنت المنهجية وتحصلت على 18.5 في البكالوريا ،وتجدر الإشارة إلى أنّ مادة العلوم لا تحتاج إلى الحفظ مثلما يروّج البعض وإن كان ذلك واجبا في بعض المعادلات والمصطلحات العلمية لا غير،لأن الحفظ مثل ببغاء لن ينفعك بشيء أبدا في هذه المادة ،و كنت أراجع هذه المادة دوريا كلما تسنى لي الوقت خصوصا مع اقتراب الفروض الاختبارات وقد استعنت قليلا بكتاب "المراجعة النهائية"٠
الأدب العربي: يمكن اعتبارها من أصعب المواد في السنة النهائية وإن لم تكن كذلك لو دققت النظر جيدا، فأسلوب الامتحان فيها واحد لا يخرج عن المألوف، ويكفي التدرب على المواضيع السابقة لإِتقان المادة ، وقد اعتمدت فيها على كراس أستاذتي بالقسم حفظها الله ، وكذا أستاذ في اليوتيوب يلقي دروس بأسلوب ممتاز( لا أعرف اسمه لكن يكفي ان تكتبوا "دروس اللغة العربية للبكالوريا "في اليوتيوب وستجدون فيديوهاته على قناة موقع الدراسة الجزائري ) وتدرّبت على حل المواضيع السابقة٠
الفلسفة:مرعبة التلاميذ وعدوّ النجاح كما يراها البعض،بَيْدَ أنّها ليست بهذه الصعوبة فهي مادة تحتاج للغوص في أفكارها وصراعاتها كي تفهم قضاياها ، وهي كذلك تتبع منهجيات محددة لا مناص منها وموضوع امتحانها في البكالوريا يتمثل في مقالتين و نص للتحليل كما يعلم الجميع وأنا شخصيا اخترت المقالة في البكالوريا ولم أغامر باختيار تحليل النص رغم معرفتي بمنهجيته لأنني منذ بداية السنة وأنا أتدرب على المقالة عن طريق حفظ البراهين بالنسبة لكل موضوع أو إشكالية و كذا حفظ بعض المقدمات ثم التوسيع بأسلوبي الشخصي ، إذ لم أرى فائدة في حفظ مقالة كاملة بأسلوب الأستاذ لأنك ستنسى سريعا وأنا أنصح التلاميذ بفهم الدرس وحفظ الكلمات المفتاحية والبراهين و أسماء الفلاسفة ثم إنشاء المقالة بأسلوب شخصي مع توظيف الأقوال( التي ستكسبك النقاط في الإمتحان ،فكلما وظفت الأقوال لتدعيم مقالتك كانت حظوظك أوفر للحصول على نقطة ممتازة) وبخصوص المراجع ،اِعتمدْ على الكتاب المدرسي فحتما ستجد ضالّتك هناك ٠
«Le compte rendu » الفرنسية: يمكن أن تقول أنها مادة لا تحتاج إلى مراجعة ،يكفي أن تكون جيدا في فهم اللغة و كتابة الفقرات ومعرفة منهجية
والتدرب عليه لكي تحصل على نقطة جيدة فيها٠
الإنجليزية:مادة سهلة أيضا ،اعتمدت فيها على مراجعة القواعد وحل البكالوريات وكذا حفظ مصطلحات وأفكار كل وحدة لتحرير الفقرة لأنّ موضوعها لا يخرج عن البرنامج المدروس مثل الإشهار ،الغذاء والفضاء٠٠٠٠
العلوم الشرعية: اعتمدت فيها على حفظ الدروس من كراسي في القسم وفهمها فقط وهذا يكفي على ما أظنّ ،وقد تلاحظون أن موضوع هذه السنة اعتمد على الفهم أكثر من الحفظ وهذا أمر جيد حقا ،فإذا أردنا الرقي وجب علينا أولا فهم ديننا و شريعتنا٠
التاريخ والجغرافيا: اعتمدت على حفظ المصطلحات والشخصيات والتواريخ وكذا الدروس من كراس القسم حفظا عاديا ( فهذا ليس قرءانًا) إذ يمكن توظيف الأسلوب الشخصي ،وأيضا معرفة كيفية رسم المنحنيات والأعمدة البيانية والدوائر النسبية والتعليق عليها ومعرفة مواقع البلدان في الخريطة٠
خصوصيات الشعبة
شعبة العلوم التجريبية هي شعبة متوازنة إلى حد كبير فهي تعتمد على ثلاثة مواد أساسية :علوم الطبيعة والحياة،الرياضيات و الفيزياء فهي تراعي العلوم الدقيقة والبيولوجية على حد سواء ،ويجب على المنتمي لها والذي يطمح لبلوغ أعلى الدرجات أن لا يكتفي فقط بهذه المواد بل يجب عليه أيضا الاهتمام بالمواد الأخرى جميعها دون تمييز أو تفريق٠
فرحة البكالوريا
هي فرحة خاصة لا يمكن وصفها أبدا فهي لا تأتي غالبا إلا مرة واحدة في العمر بعد تعب وقلق وتوتر مستمر ،حينها ستشعر بالفخر حينما ترى الفرحة على وجوه والديك خصوصا الأم التي تعتبر السند الذي يحمينا ونعتمد عليه لشقّ طريقنا في الحياة٠
التضحيات والعقبات في الطريق
بلوغ المجد لا يأتي بالتكاسل والتسويف ، في جميع مجالات الحياة دون استثناء ،وامتحان البكالوريا لا يشذّ عن هذه القاعدة ،فكان محتّم علينا وواجب التضحية ببعض ساعات اللعب والنوم والراحة رغم أنّني وكما أشرت سابقا ،لم أكن مجنونا بالدراسة فكنت ألعب وأذهب إلى المسجد لقراءة القرءان وأتابع كرة القدم ،فيجب إعطاء كل شيء وقته الذي يستحقه ،وأنا الآن قد دخلت إلى الجامعة وعرفت مدى سهولة البكالوريا فالجامعة أصعب بمراحل لذا لا تهوّلوا الأمور وتوكّلوا على الله وستنجحون بإذنه عزّ وجلّ٠
أهمية الدراسة في الثانوية
الدراسة في الثانوية كانت مهمّةً بالنّسبة لي ومفتاحا أساسيا في نجاحي ،فقد كان فهم الدرس في القسم يغنيني عن ساعات كثيرة من الدراسة في المنزل،وبقيت أحضر الدروس إلى غاية شهر ماي رغم أن الكثير فضّلوا المراجعة في المنزل ، والحمد لله أن درّسني أساتذة أكفاء يحبون مهنتهم ،جزاهم الله عنا كل خير٠
الدروس الخصوصية
قبل السنة النهائية لم أكن من محبي الدروس الخصوصية ، لكن في بداية السنة قررت عمل دروس خصوصية في الفيزياء وهذا من أفضل قراراتي فقد أفادتني كثيرا وفي شهر أفريل أضفت الدروس الخصوصية في مادة العلوم عند أستاذي في القسم أين كنا نحلّ المواضيع ونتدرب على المنهجية وهذا أيضا كان قرارا في محله أما الرياضيات فقد اكتفيت بمساعدة أمي لي في المنزل ،ويجب أن أحمد الله على هذا ،فقليلون من حظوا بهذه الفرصة ،كفكرة إجمالية أقول أن الدروس الخصوصية ليست فرضا ولا مقياسا للنجاح ويمكن النّجاح بدونها لكن لكل ظروفه وكل واحد أدرى بشؤونه الخاصة٠
الطموحات والأهداف
طموح كل متفوق هو الاستمرار في تفوّقه وتحقيق المزيد من النجاحات ،وقد كنت محتارا بين اختيار المدرسة العليا للإعلام الآلي أو اختيار الطب ، لكن بعد مد وجزر رست سفينتي في كلية الطب بتلمسان أين أطمح في مواصلة طلب العلم والبحث المستمر لكي نساهم في تطور مجتمعنا والرقي به ونكون مشعلا ينير مستقبل الأمة الإسلامية التي تحتاج إلى علمائها في شتى المجالات لتجاوز الظروف والتحديات الراهنة٠
كلمة أخيرة
من منبري هذا أهنّئ كل من فاز بشهادة البكالوريا وأتمنى له مشوارا مكللا بالنجاح في بقية مسيرته ، والذين لم يسعفهم الحظ أقول لهم أن الوصول إلى حديقة النجاح يتطلب المرور بمحطات الفشل ،وأن عليهم بذل المزيد من الجهد لتحقيق النجاح وإفراح الوالدين وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.وفي الختام أوجه تحياتي إلى والدي الكريمين حفظهما الله وجعلهما تاجا فوق رؤوسنا ، وأتوجه بالشكر من أعماق قلبي لكل من علمني حرفا سواء أساتذة المدرسة أو أساتذة القرءان في المسجد ،جزاكم الله عنا كل خير وبارك الله فيكم ودمتم ذخرا لأمّتنا ، كما لا أنسى تقديم الشكر للموقع الأول للدراسة في الجزائر ، والذي لم يبخل علينا بتوفير الدروس والمواضيع والتمارين وأتاح لنا الفرصة لعرض تجاربنا الدّراسية، فأصبح القبلة لكل من أراد طرق باب النجاح ،فبارك الله فيكم وحفظكم ،سبحان ربك ربّ العزة عمّا يصفون وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين٠
في الأخير نشكر محمد الهادي على مقاله و نصائحه و نتمنى له التوفيق و المزيد من النجاحات مستقبلا و نتمنى للطلاب المقبلين على البكالوريا الاستفادة من نصائحه و تجربته ـ مقالات و حوارات المتفوقين في البكالوريا ـ موقع الثالثة ثانوي للتحضير للبكالوريا ـ قائمة المتفوقين بكالوريا 2018 |
|